ماذا ينقمون من الشيخ ربيع حفظه الله تعالى
--------------------------------------------------------------------------------
ماذا ينقمون من الشيخ ربيع
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي ، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
أما بعد ..
فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار.
( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) . (آل عمران: 102).
( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا) (النساء : 1).
( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً ) . (الأحزاب : 70، 71).
وبعد :
فإن الله قيض لهذا الدين رجال يذبون ويدافعون عنه في كل زمان ومكان , وذلك لأن الله تبارك وتعالى قد تكفل بحفظ هذا الدين وحمايته من الزيادة فيه والنقص منه , حتى يبقى سالما حجة على العباد في دينهم .
قال تعالى : (( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ))الحجر آية (9) .
وقال تعالى : (( وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (164) رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا )) النساء , آية (165) .
ويبقى المخالفون لمنهج الرسل عليهم الصلاة والسلام ينقمون من حملة الشريعه ويحاربونهم بشتى أنواع المحاربة , وهذه سنة من سنن الله تعالى ألا وهي العداء بين الرسل وأتباعهم وبين المخالفين لهم من الكفار والمبتدعة وغيرهم .
قال تعالى : (( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ )) الأنعام , آية (112) .
وقال تعالى : (( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا )) الفرقان , آية (31) .
وقال تعالى : ((وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ )) البروج ,آية (
.
قال السعدي في تفسيره : " وهذا من أعظم ما يكون من التجبر وقساوة القلب، لأنهم جمعوا بين الكفر بآيات الله ومعاندتها، ومحاربة أهلها وتعذيبهم بهذا العذاب، الذي تنفطر منه القلوب، وحضورهم إياهم عند إلقائهم فيها، والحال أنهم ما نقموا من المؤمنين إلا خصلة يمدحون عليها، وبها سعادتهم، وهي أنهم كانوا يؤمنون بالله العزيز الحميد أي: الذي له العزة التي قهر بها كل شيء، وهو حميد في أقواله وأوصافه وأفعاله.
وهذه السنة قائمة مع قيام الأنبياء وأتباعهم بواجبهم تجاه دين الله تعالى , لأن الشيطان قد أقسم بعزة الله ليغوين الناس عن صراط الله المستقيم , ويبعدهم عن شريعة رب العالمين حتى يتبعون الخطط الشيطانية والأهواء الأنسانية , فيضلون عن دين الله القويم ".
ومن جملة المحاربة لإولياء الله تعالى ما يواجهه علماؤنا اليوم من أنواع التشهير والطعن في منهجهم وفي علمهم ولا حول ولا قوة الا بالله العظيم .
وإن القائمين بهذه المحاربة هم دعاة الأحزاب على إختلاف مناهجهم وطرقهم , إنتصارا منهم لمنهجهم وطريقتهم , وصدا عن السنة وأهلها , وهذه سنة لهم متبعة , فما سلم منهم عالم من علماء أهل السنة والجماعة قديما وحديثا , وسلفهم في ذلك أحمد بن أبي دؤاد المعتزلي لما حارب إمام أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى .
وإن المصيبة لتعظم وإن البلاء ليكبر لما يغتر بهؤلاء وبدعوتهم وطريقتهم , بعض من ينتسب للسنة وأهلها بل وينتسب للعلم والحديث , فتجد تشابها كبيرا بين المظهرين لمحاربة منهج أهل السنة والجماعة وبين المنتسبين للسنة والعلم فيجتمعون في الطعن بعلماء الدعوة السلفية الذين قد نصبوا أنفسهم لبيان منهج السلف والرد على المخالفين والمنحرفين وتحذير الأمة منهم ولا تجد من يطعن في أئمة الدعوة السلفية وعلمائها إلا جاهل أو مبغض والله المستعان .
وإن أكثر العلماء من نالتهم ألسنة هؤلاء بالطعن والتشهير والتحذير هو إمام الجرح والتعديل الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى .
وإني أتسآل دائما وأقول ماذا ينقمون من الشيخ ربيع ولماذا كل هذا , لكن أتذكر ما نال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني من المخالفين له من أنواع الطعن والتحذير فإذا هي نفس المحاربة ونفس الطريقة ومن نفس الأشخاص فيكون الجواب أن هذه الحرب على الشيخ ربيع , إنما هي حرب على الدعوة السلفية النقية الخالصة من البدع والتحزب , وكل من برز من العلماء لبيان مناهج المخالفين وإظهار عوار دعواتهم يلقى ما يلقاه علماؤنا منهم .
ولذلك من حاول أن يتذكر بماذا طعنوا في الشيخ الألباني رحمه الله تعالى فإنه سيجد أنهم أخذوا عليه أمورا هي :
أولا : أن الشيخ الألباني محدث وليس بفقيه , فهو لا يحسن التعامل مع النصوص الشريعية , وهذا كان من أول الطعن في الشيخ ودعوته لما وجدوا من قبول له عند الناس .
ثانيا : أن الشيخ الألباني ليس له شيوخ تلقى عنهم العلم ولا درس عندهم , بل كان شيخه الكتب على حسب زعمهم الباطل ومقصودهم من ذلك تزهيد الناس في علمه حتى في الحديث الذي شهدوا له بالتقدم فيه أول مرة .
ثالثا : بدأوا يثيرون الخلافات الفقهية الحاصلة بين الشيخ وبين علماء السنة في عصره كسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى , ويؤولونها بزعمهم على انها خلافات منهجية , وأن منهج الشيخ الألباني يخالف منهج الشيخ ابن باز رحمهما الله تعالى , مع أن كل سلفي يعلم ما كان بين الشيخين من المحبة والثناء , لكن هي من أفاعيل أهل الأحزاب , مع أنهم طعنوا في الشيخ ابن باز رحمه الله بطعون لا تقل عن طعنهم بالشيخ الألباني .
رابعا : لما فشلوا بكل ما قدموه وما سعوا أليه أظهروا ما كان مستقرا في نفوسهم من البغض لمنهج السلف فأشاعوا أن الشيخ الألباني كان جاهلا بفقه الواقع , لأن منهج السلف ليس فيه الا التوحيد والحديث , وليس فيه الإهتمام بواقع الأمة ولا فيه السياسة ولا ولا ..... , فهم في هذا أظهروا مخالفتهم لمنهج السلف وأنه ليس بصالح لهذا الزمان , وأن زمان التوحيد والحديث قد إنتهى .
الى غير ذلك من أنواع الطعن , فهم بدأوا بالطعن في العلماء وانتهوا الى الطعن بمنهج السلف الصالح وهذا هو الخذلان الذي ما بعده خذلان .
وعلى غرار هذا الطعن بالشيخ الألباني , يطعنون اليوم بالشيخ ربيع حفظه الله تعالى , وذلك لأنهما على دعوة واحدة , وأن دعوة الشيخ ربيع إمتداد لدعوة الشيخ الألباني , كيف لا وهو تلميذه وتلقى عنه المنهج والحديث , فما يصيب الشيخ ربيع اليوم قد أصاب الشيخ الألباني بالأمس , وهذا يدل على أن دعوة السلف دعوة واحدة لا تختلف بإختلاف الزمان ولا المكان , وهذه هي وحدة دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام .
ولو سألنا هؤلاء الطاعنيين في الشيخ ربيع ماذا تنقمون من الشيخ وماذا تنقمون من دعوته لأجابوا أنهم ينقمون عليه بإشياء هي من صلب دعوة أهل السنة والجماعة وأساس منهج السلف , ومن الأمور التي ينقمون بها على الشيخ هي :
أولا : أنه مختص بالجرح والتعديل وببيان الأخطاء , فلا تجد في كلامه الا الرد على مخالفيه , فلا تجد بحسب زعمهم أنه يتكلم في العلم وشرح السنة وهكذا .
أما إختصاص الشيخ بالجرح والتعديل فهذا والله لهو من أعظم مميزات منهج السلف عن غيره , فأهل السنة هم أهل الحديث كما قال إمام أهل السنة والجماعة الإمام أحمد لما سئل عن الطائفة المنصورة قَالَ: (إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم) , وما حفظ الله حديث النبي صلى الله عليه وسلم الا بأهل الجرح والتعديل من أهل الحديث أمثال شعبة وعبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن سعيد القطان وأحمد والبخاري ومسلم والنسائي والدارقطني وغيرهم من الأئمة , فهل يعاب على هؤلاء الأئمة أنهم متخصصون في الجرح والتعديل وفي بيان أوهام الرواة أم ماذا .
وإذا كان أهل السنة والجماعة بحاجة في ذاك الزمن الى أهل الجرح والتعديل لبيان الصحيح والسقيم من الأحاديث , ولبيان ثقاة الرواة وضعفائهم , ولبيان أوهام الرواة وأخطائهم , فإننا اليوم بأمس الحاجة لبيان منهج أهل السنة والجماعة وبيان المناهج المخالفة له والمنحرفة عنه , وبيان البدع والأخطاء التي يرتكبها بعض الناس وقد يضيفها البعض الى منهج أهل السنة والجماعة , لأن المقصود واحد , فكان مقصود علماء الجرح والتعديل تنزيه الشريعة من البدع التي تضاف اليها بسبب الأحاديث المكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم , ولتنزيه كلام النبي صلى الله عليه وسلم عن كلام غيره , وهذا هو نفس مقصود علمائنا اليوم من الجرح والتعديل وهو تنزيه منهج أهل السنة والجماعة من البدع والضلالات .
وانا أقول من وصف الشيخ ربيع بإنه المتخصص في الجرح والتعديل المعاصر , هل هو وصف نفسه بذلك , ام هو وصف إمام الدنيا في الحديث في هذا العصر , وصفه بذلك الإمام والعالم الرباني الشيخ الألباني فقال ( في شريط بدعة الموازنات) :
((وباختصار أقول: إن حامل راية الجرح والتعديل اليوم في العصر الحاضر وبحق هو أخونا الدكتور ربيع، والذين يردون عليه لا يردون عليه بعلم أبداً، والعلم معه، وإن كنت أقول دائماً وقلت هذا الكلام له هاتفياً أكثر من مرة أنه لو يتلطف في أسلوبه يكون أنفع للجمهور من الناس سواء كانوا معه أو عليه، أما من حيث العلم فليس هناك مجال لنقد الرجل إطلاقاً، إلا ما أشرت إليه آنفاً من شئ من الشدة في الأسلوب، أما أنه لا يوازن فهذا كلام هزيل جداً لا يقوله إلا أحد رجلين: إما رجل جاهل فينبغي أن يتعلم، وإلا رجل مغرض، وهذا لا سبيل لنا عليه إلا أن ندعو الله له أن يهديه سواء الصراط)).
فمن أراد أن يرد على هذا الوصف فليرد به على الشيخ الألباني , ومن ذا الذي يرد على الشيخ الألباني رحمه الله تعالى .
وهؤلاء الذين يزعمون أن الشيخ ربيع لا يتكلم إلا بالجرح والتعديل فهم لم يجالسوا الشيخ ولم يهتموا بكتاباته ومؤلفاته , فمن راجع مكتبة الشيخ ربيع ومقالاته لوجد ما تقر به عينه من الكتب والرسائل , إضافة الى الشروح العلمية لكتب أهل ألسنة كشرح كتاب الشريعة للآجري وكتاب شرح إعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي , وكتاب الإبانه لابن بطة وغيرها من الشروحات العلمية .
أما الإهتمام ببيان الأخطاء فهذا من تمام النصح لله ولرسوله ولكتابه وللأئمة المسلمين وعامتهم , بل الواجب عليهم أن يفرحوا بإن قيض الله لهم أئمة يهدونهم الى صراط الله المستقيم .
ثانيا : ومما ينقمون به على الشيخ ربيع أنه شديد الالفاظ على المخالفين ويستدلون بذلك بكلام الشيخ الألباني رحمه الله تعالى حيث قال : (( وإن كنت أقول دائماً وقلت هذا الكلام له هاتفياً أكثر من مرة أنه لو يتلطف في أسلوبه يكون أنفع للجمهور من الناس سواء كانوا معه أو عليه )) , وهذه نصيحة من الشيخ الألباني للشيخ ربيع , لا تعني ما يعنوه هؤلاء اليوم من الذم للشيخ ربيع , وشدة الشيخ ربيع من عرفها وتتبع مواضعها عرف أنها في الحق , ولا تكون الا مع أناس لا تنفع معهم الا الشدة والقوة , لبيان إنحرافهم وضلالهم والواجب علينا حسن الظن بالعلماء وأن هذا محل إجتهادهم فهو يسلك ما يراه نافعا في محله وهم دائرون بين الأجر والأجرين .
ولماذا نغفل عن نصح الشيخ ربيع وكلاماته التي تصاغ بماء الذهب وما فيها من الخير والعلم , لكن هذا دأب من تتبع عورات العلماء من المخالفين لمنهجهم .
ثالثا : زعمهم أن الشيخ ربيع متوسع في باب الجرح فهو يجرح الأشخاص بأقل أنواع الجرح , وإن لم يكن مما يستحق أن يجرح به الى آخر زعمهم .
وهؤلاء لم يعرفوا منهج الشيخ ربيع في نقد الأشخاص والطوائف والجماعات , ولم يحاولوا أن يفهموا , فلما تعارض عندهم ما هم عليه , مع كلام العلماء بادروا الى الطعن بهم بحجج واهيه لا قيمة لها في ميزان العلم , ومع ذلك كيف إستطاعوا أن يعرفوا أن الشيخ ربيع متوسع في باب الجرح ما هو مقياسهم وميزانهم في باب الجرح , لكن المصيبة أن يكون المتكلم بعيدا كل البعد عن فهم مناهج العلماء في باب الجرح , وعلى كل حال فمنهج الشيخ ربيع في جرح الرجال والجماعات قائم على :
أ- تتبع الشيخ لأقوال المخالفين تتبعا دقيقا مع طول تأن في تتبعه واستقرائه , ولذلك من تتبع كلام الشيخ ربيع في نقده للرجال وجد إحاطته الكامله بأقوال المخالفين مع سبر أحوالهم العملية ومدى تأثيرها في منهجهم ومخالفتهم , حتى يكون الحكم عليهم موافقا لما هم عليه من الخطأ والإنحراف .
ب- مما يساعد في هذا الباب معرفة الشيخ وإحاطته بالمناهج المخالفة وأصول إنحرافهم وشبههم التي ضلوا وانحرفوا بسببها .
ج- إبداء النصائح المتتالية للمخالفين مع مزيد صبر وتحمل , فالشيخ ربيع ناصح كثيرا من المخالفين قبل الكلام عليهم إما بالمشافهة وإما بالمراسلة أو بغير ذلك , مع تذكير المخالف بالله تعالى وطلب الرجوع عن أقواله وانحرافه .
د- تورع الشيخ ربيع في إصدار الأحكام على المخالفين , ولذلك غالبا ما يعرض كلام المخالف على كثير من العلماء حتى لا ينفرد بالحكم عليه خاصة في التبديع .
ه- ثم الحكم عليه بما يناسب حال المخالف من التخطأة أو التبديع مدعما ذلك بالأدلة الكثيرة في بيان حال المخالف ومدى خطورة قوله وانحرافه .
و- ثم التحذير من أقواله وانحرافه خاصة إذا كان ممن يسمع قوله وله أتباع يغترون بكلامه , وخاصة إذا كان ممن ينسب نفسه لمنهج أهل السنة والجماعة .
وهذا على حسب استقرائي لمنهج الشيخ ربيع في نقده للرجال , فقل لي بربك أين التوسع في باب الجرح والتشدد فيه كما يزعمون , لكنهم فهموه توسعا وتشددا في مقابل من يميع باب الجرح ويلغيه , ويفتح باب التعامل مع المخالفين والمنحرفين ولو كان على حساب منهج السلف .
فهل كلام الشيخ ربيع في القطبية يعتبر توسعا أو تشددا , أم أن كلامه في المليبارية كذلك أم كلامه في من وصف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم بالغثائية تشددا , أم كلامه في من فتح باب التعامل مع أهل البدع على مصراعيه , أم كلامه في أصحاب بدعة الموازنات , أم ماذا ............؟؟؟ .
وبعد هذه المعرفة والإحاطة ماذا يجب على الشيخ , هل يجب عليه أن يسكت أو يجامل ولو كان على حساب المنهج أو ضياع الدين , أم الواجب عليه أن ينصح لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم .
ولذلك قال الشيخ مشهور في هذا قولا بديعا :
(( ومن عرف معرفة الشيخ ربيع حق له أن يتكلم بما تكلم به الشيخ ربيع )) .
والواجب على من أخطأ أن لا تأخذه العزة بالأثم بل الواجب عليه أن يسارع بالتوبة الى الله تعالى , والرجوع عن أخطائه والبراءة منها , وبيان السنة ونصرتها قبل فوات الآوان .
رابعا : ويزعمون أن الشيخ ربيع جرح كثيرا من السلفيين وتكلم فيهم وبدعهم , مع أنهم لم يرتكبوا ما يبدعهم , مما أثر سلبا على الدعوة السلفية في كثير من البلدان الإسلامية .
وهذا الزعم باطل من أساسه وذلك من وجوه :
الوجه الأول : لابد أن يعلم أن الدعوة السلفية قائمة بالكتاب والسنة على منهج سلف الأمة ومتمثلة بعلمائها الربانيين , وهي الدعوة التي تمثل دين الله جل وعلا الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم , وهي الدعوة التي يجب دعوة الناس اليها وترغيبهم فيها , وتحذيرهم مما سواها , وهي الدعوة التي يجب على أهلها أن يدافعوا عنها ويذبوا عنها ما أحدثه أهل البدع والإنحراف , ولذلك فإن الدعوة السلفية دعوة ربانية نقية صافية .
الوجه الثاني : أن الدعاة الى الدعوة السلفية لا يمثلونها ولا تتمثل بهم , ولذلك فهم في هداية ماتمسكوا بها , وفي ضلال ما انحرفوا عنها , ولذلك فقد يخطىء المنتسب لهذه الدعوة الداعي لها وقد يقع في البدعة جهلا , وقد يدخل في هذه الدعوة أناس ليسوا من أهلها بل يندسون فيها ليحدثوا أنواعا من البدع والضلالات , ويلبسوا على الناس دينهم ومنهجهم .
الوجه الثالث : أن الدعوة السلفية المباركة لا بد فيها من محاربة البدع والإنحراف وتحذير الناس منه , وهذا أمر موكول للعلماء فهم الذين يبينون الإنحراف على اختلاف صوره وأشكاله , وهذا من أعظم الجهاد في دين الله تعالى , وهو الدفاع عن دين الله وتنزيهه عن ما يضاف اليه مما ليس منه , ومن ذلك تحذير الناس من دعاة البدع والضلال وبيان شبههم للناس ليحذروا منهم , وهذا ما قام به علماؤنا على مر العصور .
الوجه الرابع : من انحرف من دعاة السلفيين لابد أن يعامل معاملة المنحرفين بعد النصح والبيان , فلا يقال لمن انحرف عن السنة وأهلها أنه من أهل السنة وإلا ضاعت السنة وانتشرت البدعة , وضل الناس عن الصراط المستقيم .
الوجه الخامس : والملاحظ لمن تكلم فيهم الشيخ ربيع ممن ينتسب للدعوة السلفية يجد أن أخطائهم أو بدعهم تشكل خطرا عظيما في تأصيلات الدعوة السلفية وسأضرب لذلك مثالا واحدا :
تكلم الشيخ ربيع في أبي الحسن المأربي كلاما شديدا مما ينبىء عن عظم خطره وخطأه , مع أن أبا الحسن المأربي يعلن إنتسابه للدعوة السلفية وبراءته من الدعوات المخالفة , وهو معروف تتلمذ عند الشيخ مقبل رحمه الله , والتقى كثيرا بالشيخ الألباني وهكذا , لكن لما تكلم الشيخ ربيع فيه بان أمره وظهر خطره , وأبو الحسن المأربي قد قال بقول يهدم فيه أصلا من أصول الدعوة السلفية ألا وهو قوله بأن في الصحابة رضي الله عنهم غثائية مستدلا بقول صلى الله عليه وسلم (( ولكنكم يومئذ غثاء كغثاء السيل ..)) .
وهذا من أعظم الإنتقاص للصحابة رضي الله عنهم الذين زكاهم الله تعالى وأثنى عليهم وأمر باتباع سبيلهم , والدعوة السلفية قائمة على تزكية الصحابة واتباع فهمهم لكتاب الله تعالى وسنة الني صلى الله عليه وسلم , والقول بالغثائية يناقض هذا الأصل وينقضه .
فاحتاج أهل السنة أن يدافع عن منهجهم ويذب عنه , ويبين للناس خطورة هذا الكلام وخطورة قائله , وبعد أن بين للناس دين الله تعالى ومنهج نبيهم ودوفع عن الصحابة الكرام , انتفض أناس يصرخون بأن الشيخ يجرح أهل السنة ويبدعهم .
فهم قبلوا خطأ أبي الحسن ولم يقبلوا دفاع الشيخ ربيع عن منهج أهل السنة , وسموا خطأ أبي الحسن خطأ لفظيا غير مقصود , وسموا دفاع الشيخ ربيع جرحا لأهل السنة وحربا عليهم ولا حول ولا قوة إلا بالله .
مع أن الواجب عليهم أن ينصروا الشيخ ربيع ويقبلوا قوله , ويردوا على أبي الحسن قوله ويحذروا منه .
وهكذا غالب ردود الشيخ ربيع على المخالفين والمخطئين , فليس من العدل بعد ذلك أن تسمى هذه الردود العلمية والمقالات السنية , حربا على أهل السنة ويسمى دفاع الشيخ ربيع تجريحا بأهل السنة , بل هو محض الدفاع عن السنة والنصح لأهلها فجزاه الله عن المسلمين خير الجزاء .
الوجه السادس : وبهذه الشبهة الشنيعة يستطيع أهل البدع والمخالفين لأهل السنة أن يبرروا بدعهم وانحرافهم , ويردوا على العلماء بنفس هذه الردود , فأي عالم تكلم في أهل البدع قيل له إنك تجرح أهل السنة وتتكلم فيهم , فتذاع البدع ويشاع الإنحراف , وتموت السنة والدعوة الطيبة .
وهذا هو مقصود الدعوات المخالفة لأهل السنة والجماعة من الإخوان وغيرهم , والصحيح أن هذه الشبهات والردود على العلماء مما لبسه الإخوان على أهل السنة بهذه الحجج الواهية , لكن من أعظم نعم الله على أهل السنة أن قيض لهم علماء ينفون عن منهج أهل السنة والجماعة تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم .
والشيخ ربيع قام بالواجب الكفائي الذي أوجبه الله على الأمة في الدفاع عن دينه والرد على من خالفه , ولهذا الرد أصول عند أهل السنة والجماعة بين ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فقال ( مجموع الفتاوى 28 – 233, 234 ,235) ونقلته بطوله لأهميته في هذا الباب :
(( َفإِذَا كَانَ أَقْوَامٌ مُنَافِقُونَ يَبْتَدِعُونَ بِدَعًا تُخَالِفُ الْكِتَابَ وَيُلْبِسُونَهَا عَلَى النَّاسِ وَلَمْ تُبَيَّنْ لِلنَّاسِ : فَسَدَ أَمْرُ الْكِتَابِ وَبُدِّلَ الدِّينُ ؛ كَمَا فَسَدَ دِينُ أَهْلِ الْكِتَابِ قَبْلَنَا بِمَا وَقَعَ فِيهِ مِنْ التَّبْدِيلِ الَّذِي لَمْ يُنْكَرْ عَلَى أَهْلِهِ . وَإِذَا كَانَ أَقْوَامٌ لَيْسُوا مُنَافِقِينَ لَكِنَّهُمْ سَمَّاعُونَ لِلْمُنَافِقِينَ : قَدْ الْتَبَسَ عَلَيْهِمْ أَمْرُهُمْ حَتَّى ظَنُّوا قَوْلَهُمْ حَقًّا ؛ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْكِتَابِ وَصَارُوا دُعَاةً إلَى بِدَعِ الْمُنَافِقِينَ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ } فَلَا بُدَّ أَيْضًا مِنْ بَيَانِ حَالِ هَؤُلَاءِ ؛ بَلْ الْفِتْنَةُ بِحَالِ هَؤُلَاءِ أَعْظَمُ فَإِنَّ فِيهِمْ إيمَانًا يُوجِبُ مُوَالَاتَهُمْ وَقَدْ دَخَلُوا فِي بِدَعٍ مِنْ بِدَعِ الْمُنَافِقِينَ الَّتِي تُفْسِدُ الدِّينَ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّحْذِيرِ مِنْ تِلْكَ الْبِدَعِ وَإِنْ اقْتَضَى ذَلِكَ ذِكْرَهُمْ وَتَعْيِينَهُمْ ؛ بَلْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ قَدْ تَلَقَّوْا تِلْكَ الْبِدْعَةَ عَنْ مُنَافِقٍ ؛ لَكِنْ قَالُوهَا ظَانِّينَ أَنَّهَا هُدًى وَأَنَّهَا خَيْرٌ وَأَنَّهَا دِينٌ ؛ وَلَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ لَوَجَبَ بَيَانُ حَالِهَا . وَلِهَذَا وَجَبَ بَيَانُ حَالِ مَنْ يَغْلَطُ فِي الْحَدِيثِ وَالرِّوَايَةِ وَمَنْ يَغْلَطُ فِي الرَّأْيِ وَالْفُتْيَا وَمَنْ يَغْلَطُ فِي الزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ ؛ وَإِنْ كَانَ الْمُخْطِئُ الْمُجْتَهِدُ مَغْفُورًا لَهُ خَطَؤُهُ وَهُوَ مَأْجُورٌ عَلَى اجْتِهَادِهِ . فَبَيَانُ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَاجِبٌ ؛ وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ مُخَالَفَةٌ لِقَوْلِهِ وَعَمَلِهِ . وَمَنْ عُلِمَ مِنْهُ الِاجْتِهَادُ السَّائِغُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُذْكَرُ عَلَى وَجْهِ الذَّمِّ وَالتَّأْثِيمِ لَهُ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ غَفَرَ لَهُ خَطَأَهُ ؛ بَلْ يَجِبُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى مُوَالَاتُهُ وَمَحَبَّتُهُ وَالْقِيَامُ بِمَا أَوْجَبَ اللَّهُ مِنْ حُقُوقِهِ : مِنْ ثَنَاءٍ وَدُعَاءٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ ؛ وَإِنْ عُلِمَ مِنْهُ النِّفَاقُ كَمَا عُرِفَ نِفَاقُ جَمَاعَةٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي وَذَوِيهِ وَكَمَا عَلِمَ الْمُسْلِمُونَ نِفَاقَ سَائِرِ الرَّافِضَةِ : عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَبَأٍ وَأَمْثَالِهِ : مِثْلَ عَبْدِ الْقُدُّوسِ بْنِ الْحَجَّاجِ وَمُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْمَصْلُوبِ ؛ فَهَذَا يُذْكَرُ بِالنِّفَاقِ . وَإِنْ أَعْلَنَ بِالْبِدْعَةِ وَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ كَانَ مُنَافِقًا أَوْ مُؤْمِنًا مُخْطِئًا ذُكِرَ بِمَا يُعْلَمُ مِنْهُ فَلَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَقْفُوَ مَا لَيْسَ لَهُ بِهِ عِلْمٌ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ إلَّا قَاصِدًا بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى وَأَنْ تَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَأَنْ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ . فَمَنْ تَكَلَّمَ فِي ذَلِكَ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَوْ بِمَا يَعْلَمُ خِلَافَهُ كَانَ آثِمًا . وَكَذَلِكَ الْقَاضِي وَالشَّاهِدُ وَالْمُفْتِي كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ : قَاضِيَانِ فِي النَّارِ وَقَاضٍ فِي الْجَنَّةِ : رَجُلٌ عَلِمَ الْحَقَّ وَقَضَى بِهِ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ وَرَجُلٌ قَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ فَهُوَ فِي النَّارِ
وَرَجُلٌ عَلِمَ الْحَقَّ فَقَضَى بِخِلَافِ ذَلِكَ فَهُوَ فِي النَّارِ } وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا } وَ " اللَّيُّ " هُوَ الْكَذِبُ وَ " الْإِعْرَاضُ " كِتْمَانُ الْحَقِّ ؛ وَمِثْلُهُ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا ؛ وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا } . ثُمَّ الْقَائِلُ فِي ذَلِكَ بِعِلْمِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ حُسْنِ النِّيَّةِ فَلَوْ تَكَلَّمَ بِحَقِّ لَقَصَدَ الْعُلُوَّ فِي الْأَرْضِ أَوْ الْفَسَادَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الَّذِي يُقَاتِلُ حَمِيَّةً وَرِيَاءً . وَإِنْ تَكَلَّمَ لِأَجْلِ اللَّهِ تَعَالَى مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ كَانَ مِنْ الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنْ وَرَثَةِ الْأَنْبِيَاءِ خُلَفَاءِ الرُّسُلِ . وَلَيْسَ هَذَا الْبَابُ مُخَالِفًا لِقَوْلِهِ : { الْغِيبَةُ ذِكْرُك أَخَاك بِمَا يَكْرَهُ } فَإِنَّ الْأَخَ هُوَ الْمُؤْمِنُ وَالْأَخُ الْمُؤْمِنُ إنْ كَانَ صَادِقًا فِي إيمَانِهِ لَمْ يَكْرَهْ مَا قُلْته مِنْ هَذَا الْحَقِّ الَّذِي يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ شَهَادَةٌ عَلَيْهِ وَعَلَى ذَوِيهِ بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ بِالْقِسْطِ وَيَكُونُ شَاهِدًا لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ وَالِدَيْهِ أَوْ أَقْرَبَيْهِ وَمَتَى كَرِهَ هَذَا الْحَقَّ كَانَ نَاقِصًا فِي إيمَانِهِ يَنْقُصُ مِنْ أُخُوَّتِهِ بِقَدْرِ مَا نَقَصَ مِنْ إيمَانِهِ فَلَمْ يَعْتَبِرْ كَرَاهَتَهُ مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي نَقَصَ مِنْهَا إيمَانُهُ ؛ إذْ كَرَاهَتُهُ لِمَا لَا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ تُوجِبُ تَقْدِيمَ مَحَبَّةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ } . ثُمَّ قَدْ يُقَالُ : هَذَا لَمْ يَدْخُلْ فِي حَدِيثِ الْغِيبَةِ لَفْظًا وَمَعْنًى . وَقَدْ يُقَالُ : دَخَلَ فِي ذَلِكَ الَّذِينَ خَصَّ مِنْهُ كَمَا يَخُصُّ الْعُمُومَ اللَّفْظِيَّ وَالْعُمُومَ الْمَعْنَوِيَّ وَسَوَاءٌ زَالَ الْحُكْمُ لِزَوَالِ سَبَبِهِ أَوْ لِوُجُودِ مَانِعِهِ فَالْحُكْمُ وَاحِدٌ . وَالنِّزَاعُ فِي ذَلِكَ يُؤَوَّلُ إلَى اللَّفْظِ ؛ إذْ الْعِلَّةُ قَدْ يَعْنِي بِهَا التَّامَّةَ وَقَدْ يَعْنِي بِهَا الْمُقْتَضِيَةَ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ . وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ )) .
فتأمل أخي بارك الله فيك في كلام شيخ الإسلام وقارنه بكلام هؤلاء الناقمين ستجد أن هؤلاء إنما أزعجهم ظهور الحق وعلو الحجة وارتفاع العلماء , وكلام شيخ الإسلام كلام نفيس لا يستغنى عنه في بابه .
ولا يمكن أن نحصر الأمور التي يطعن فيها بعلمائنا لأنها أمور تتجدد فكلما ذكروا أمرا وظهر فساده , اظهروا أمرا آخر وهكذا حتى يظهرون بغضهم لمنهج أهل السنة وعدائهم له كما هو حال من سبقهم من المخالفين والمنحرفين والله المستعان .
وحتى لا يطول بنا المقام لابد من بيان الأمر الذي ينقمون به على الشيخ ربيع وعلى باقي العلماء وهو :
عدائهم لمنهج أهل السنة والجماعة وهذا العداء لا يصدر إلا من جاهل بمنهج أهل السنة أو من مبغض له , وهذا هو حال كل المخالفين قديما وحديثا , ولو أنهم ملكوا أكثر من ذلك ما قصروا بشيء وحالهم معلوم لا يخفى على أحد .
فلما رأوا من دفاع الشيخ ربيع عن منهج أهل السنة , ورده على أهل البدع فظهر فسادهم وبان إنحرافهم نقموا عليه وأعلنوا العداء له , فبدأوا يتحججون بأنواع الحجج للطعن فيه وصد الناس عنه ليسلم لهم منهجهم , ونسوا أن الله تعالى هو الذي يدافع عن دينه وعن أوليائه .
هذا ما نقموا وينقمون به على الشيخ , وإلا لو كانوا ممن يقبلون الحق وينصاعون اليه لسمعوا كلام العلماء في الثناء على الشيخ ربيع وتزكيتهم له ونصح الناس بالرجوع اليه .
لكن هو رفض الحق وبغض أهله , وهاك ما قاله الشيخ الألباني رحمه الله في الثناء على الشيخ ربيع :
((نحن بلا شك نحمد الله -عز وجل- أن سخر لهذه الدعوة الصالحة القائمة على الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح، دعاة عديدين في مختلف البلاد الإسلامية يقومون بالفرض الكفائي الذي قل من يقوم به في العالم الإسلامي اليوم، فالحط على هذين الشيخين الشيخ ربيع والشيخ مقبل الداعيين إلى الكتاب والسنة، وما كان عليه السلف الصالح ومحاربة الذين يخالفون هذا المنهج الصحيح هو كما لا يخفى على الجميع إنما يصدر من أحد رجلين : إما من جاهل أو صاحب هوى.
الجاهل يمكن هدايته ؛ لأنه يظن أنه على شيء من العلم، فإذا تبين العلم الصحيح اهتدى.. أما صاحب الهوى فليس لنا إليه سبيل، إلا أن يهديه الله ـ تبارك وتعالى ـ فهؤلاء الذين ينتقدون الشيخين ـ كما ذكرنا ـ إما جاهل فيُعلّم، وإما صاحب هوى فيُستعاذ بالله من شره، ونطلب من الله -عز وجل- إما أن يهديه وإما أن يقصم ظهره )) .
فكلام الشيخ الألباني ينبئك عن سبب نقم هؤلاء من الشيخ ربيع وعلى من قام مقامه في بيان الحق والرد على أهل البدع .
وما عليه الشيخ ربيع من العلم والخير قد زكاه كثير من العلماء , فلو رأى العلماء على الشيخ ربيع شيء من الخطأ أو مجانبة الصواب لبينوا ذلك , وكانت ردرود الشيخ ربيع تصل الى العلماء بل صرح بعضهم بالإستفادة منها وهذا من أعظم الأدلة على زيف ما قاله هؤلاء الناقمون على دعوة أهل السنة والجماعة لا على الشيخ ربيع فحسب .
وقال الشيخ الألباني كذلك
(فأريد أن أقول إن الذي رأيته في كتابات الشيخ الدكتور ربيع أنها مفيدةولا أذكر أني رأيت له خطأ، وخروجاً عن المنهج الذي نحن نلتقي معه ويلتقي معنا فيه)) .
وهؤلاء يقولون أن الشيخ ربيع يجرح أهل السنة ويطعن فيهم , ويشككون الناس في الخير والعلم الذي نشره .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى:
(( بسم الله الرحمن الرحيم
من عبدالعزيز بن باز إلى حضرة الأخ المكرم فضيلة الشيخ ربيع بن هادي مدخلي المدرس بالجامعة الإسلامية، وفقه الله.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد:
فقد بلغني أن فضيلتكم قد كتب شيئاً حول الأستاذ أبي الأعلى المودودي رحمه الله، فأرجو تزويدي بنسخة مما كتبتم في ذلك..
وأسأل الله أن يوفقني وإياكم لما يحبه ويرضاه، وأن يعين الجميع على كل خير إنه خير مسئول..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..،،،
الرئيس العام لإدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد)) .
وهؤلاء يقولون أن الشيخ ربيع متشدد يطعن في الناس من غير مبرر .
وسئل الشيخ ابن عثيمين :
سؤال: ما هي نصيحتكم لمن يمنع أشرطة الشيخ ربيع بن هادي بدعوى أنها تثير الفتنة وفيها مدح لولاة الأمور في المملكة وأن مدحه ـ أي مدح الشيخ ربيع للحكام ـ نفاق؟
الجواب : ((رأيُنا أن هذا غلطٌ وخطأٌ عظيم، والشيخ ربيع من علماء السنة، ومن أهل الخير، وعقيدته سليمة، ومنهجه قويم.
لكن لما كان يتكلم على بعض الرموز عند بعض الناس من المتأخرين وصموه بهذه العيوب)) .
هذه هي علة القوم , انتصروا لرموزهم وتعصبوا لزعمائهم وردوا الحق ونصبوا العداء للعلماء , فرحم الله الشيخ ابن عثيمين على دقة فهمه وانتصاره لأهل العلم .
وهذا هو الواجب على أبناء أهل السنة والجماعة فعليهم أن يقفوا ضد دعوات هؤلاء الناقمين , ولا يسمعوا لهم , وينتصروا للحق وأهله , ويذبوا عن أعراض العلماء ويرجعون اليهم , ويحاربوا البدع ويحذروا من أهلها .
وأختم كلامي هذا بقول النبي صلى الله عليه وسلم الذي أخرجه الترمذي (2629) من حديث عبد الله بن مسعود , وابن ماجه ( 3986), وأحمد ( 9054 ) من حديث أبي هريرة : قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إِنَّ الإِسْلاَمَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ )) واللفظ للترمذي مع أن أصل الحديث في مسلم , وعند الطبراني في الكبير ( 5867) من حديث سهل بن سعد : بزيادة ((قالوا : يا رسول الله وما الغرباء ؟ قال : ( الذين يصلحون عند فساد الناس )) , وفي الصغير ( 290 ) بلفظ : ( قال الذين يصلحون إذا فسد الناس ) .
فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بحال الإسلام وما يكون عليه من الغربة , وبحال الناس وما يكونون عليه من الفساد , وبحال العلماء وما يكونون عليه من الإصلاح , إذ هي مهمة الأنبياء وورثتهم .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم .
كتبه
أبو محمد الهاشمي البغدادي
منقول