الألباني علامة الشام

لاشك أن
فضل أهل العلم لا ينكره إلا حاقد أو جاهل ففضلهم عم الدنيا بأسره وحاجة الناس لهم
لا تنتهي ومعينهم لا ينضب وإن كانت حاجة الناس لأطباء الأبدان كبيرة فحاجتهم
لأطباء القلوب أشد وأعظم فهم النجوم التي يهتدي بها في ظلمات الجهل وقد رفع الله
قدرهم وأعلى شانهم ورفعهم فوق غيرهم قال تعالى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا
الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) وهنا لطيفة وهي أن أهل
العلم من أهل الإيمان ثم خصهم ربنا وعطفهم أهل الإيمان وهذا ما يسمى بعطف الخاص
على العام في علم أصول الفقه وهذا
لزيادة الاهتمام بهم وتشريفهم، وقد خصهم الله بخشيته فقال: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ
عَزِيزٌ غَفُورٌ).

وقد
منّ الله علينا في زماننا هذا بعلماء أفاضل نحسبهم قضوا حياتهم في تعليم الناس
أمور دينهم ينفون عن الدين انتحال المبطلين وتحريف الغالين وتأويل الغاوين فكانوا
بحق هداة للسارين، وقد حفظ الله لهم مكانتهم في قلوب الناس وصاروا مرجعا لهم ومن
هؤلاء العلماء علامة الشام الشيخ ناصر الدين الألباني الذي قضى حياته في خدمة سنة
النبي (صلى الله عليه وسلم)، وقد سطع نجمه وعلا قدره عند أهل السنة بما نصر الله
به السنة، فكتب السلسلة الصحيحة والسلسلة الضعيفة وتحذير الساجد من اتخاذ القبور
مساجد والتوسل وغيرها من الكتب وقد عرف عنه رحمه الله حبه لسنة المصطفى(صلى الله
عليه وسلم) وصدق من قال:

أهل
الحديث هم أهل الرسول وإن لم يصحبوا
نفسه أنفاسه صحبوا

وقد
منّ الله علي بقراءة الجزء الأول من (سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها
السيئ في الأمة) وقد أجاد الشيخ بعد تبيين ضعف الحديث في استخلاص الآثار التي
ترتبت عليه فكانت سلسلة مباركة ، وسأقوم بنقل مجموعة من الأحاديث الضعيفة التي
وردت فيها مع تعليق الشيخ وذلك للحاجة فكم من أحاديث انتشرت بين الناس وهي ضعيفة
موضوعة ويُستدل بها وتثبت بها أحكام باطلة مثل الحديث الذي اشتهر عند العامة(من حج البيت ولم يزرني فقد جفاني ) وهو حديث موضوع
قال الألباني: ومما يدل على وضعه أن جفاء النبي صلى الله عليه وسلم من الكبائر إن لم
يكن كفرا ، وعليه فمن ترك زيارته صلى الله عليه وسلم يكون مرتكبا لذنب كبير وذلك يستلزم
أن الزيارة واجبة كالحج وهذا مما لا يقوله مسلم ، ذلك لأن زيارته صلى الله عليه وسلم
وإن كانت من القربات فإنها لا تتجاوز عند العلماء حدود المستحبات ، فكيف يكون تاركها
مجافيا للنبي صلى الله عليه وسلم ومعرضا عنه؟!.

ولد الشيخ الألباني عام 1333 ه الموافق 1914 م
توفي قبيل يوم السبت
في الثاني و العشرين من جمادى الآخرة 1420ه، الموافق الثاني من
أكتوبر 1999م، و دفن بعد صلاة العشاء.وقد قيل
فيه:

أَناصرَ سنَّة الهادي *** سقاكَ الهاطلُ
العَمَمُ

بكتْكَ سلاسلُ الكتبِ*** التي كالدُّرِّ ،
تنتظم
فسلسلةُ
الأحاديث التي*** صحَّتْ لمن فهموا

وسلسلةُ
الأحاديث التي*** ضَعُفَتْ لمن وَهموا

وتحقيقُ
الأسانيد التي ***ثبتتْ لمن علموا

علومٌ
كلُّها شَرَفٌ*** تعزُّ بعزِّها
القِيَمُ
أناصرَ
سنَّةِ الهادي*** لنا من ديننا رَحِمُ
لقيتُكَ
دونَ أن ألقاكَ*** تُورق بيننا الشِّيَمُ

لقيتُكَ
في ظِلالِ العلمِ ***والأزهارُ تبتسم

تجمِّعنا
محبَّةُ خير مَنْ ***سارتْ به قَدَمُ

خَدَمْتَ
جَلال سنَّته ***فيا طُوبى لمن خَدَموا

رحلْتَ
رحيلَ مَنْ أخذوا ***من الأمجادِ واقتسموا

كأنَّك
لم تُدِرْ قلماً*** ولم يُجْرِ الحديثَ فَمُ
حزنَّا،كيف
لم نحزنْ *** وشِرْيانُ القلوبِ
دَمُ؟
ولكنَّا
برغم الحزنِ لم *** يشطحْ بنا الكَلِمُ

نعبِّر
عن مَواجعنا*** وبالإسلام نلتزمُ

ولولا
أنَّ أَنْفُسَنا *** بربِّ الكون تعتصمُ

لَمَاجتْ
بالأسى وغدتْ*** أمام الحزن تنهزم

» الإعلام بسن الهجرة إلى الشام للبقاعي / pdf
» تراجعات الألباني الحديثية2
» الشيخ الألباني يتحدى أحد شيوخ الصوفية
» تراجعات الشيخ الألباني في بعض أحكامه الحديثية 1
» هل الألباني مرجئ؟ يجيبك الشيخ صالح السحيمي